samedi 26 juillet 2014

قصة موسى والخضر


بدأت حكاية موسى عليه السلام مع الخضر عليهما السلام ، حينما كان عليه الصلاة والسلام يخطب يوماً في بني إسرائيل، فقام أحدهم سائلاً: هل على وجه الأرض أعلم منك؟ فقال موسى: لا، إتكاءً على ظنه أنه لا أحد أعلم منه، فعتب الله عليه في ذلك، لماذا لم يكل العلم إلى الله، وقال له: إنَّ لي عبداً أعلم منك وإنَّه في مجمع البحرين، وذكر له أن علامة مكانه هي فقد الحوت، فأخذ حوتاً معه في مِكْتَل وسار هو وفتاه يوشع بن نون، وحكت لنا سورة الكهف كيف التقى مع العبد الصالح الخضر، إذ بدأت الحكاية في القرآن الكريم بعزم موسى عليه السلام على الرحلة إلى مَجْمع البحرين في طلب العلم ، كما قال تعالى : 
" وَإذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ البَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً ".
ثم تتابعتْ الأحداث حيث نسيا الحوت وواصلا طريقهما، ثم تنبها لنسيانه فعادا، ولقي موسى عليه السلام الخضر عند مجمع البحرين، والخضر (و القول بنبوته قوي ) عبد صالح وهبه الله نعمة عظيمة من العلم وفضلاً كبيراً: "فوَجَدَا عبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً". وتستمر القصة حين يعرض موسى عليه السلام على الخضر مرافقته لطلب العلم، والشرط بينهما، وما حصل أثناء هذه الرحلة من أحداث، في تسلسل قرآني جميل: 
" قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70)".
ثم انطلقا، وحصلت المواقف التي لم يصبر موسى عليها، وكان الختام حين افترقا، ليقدم المعلم للمتعلم تفسيراً لكل ما حصل، في دروس عظيمة ظلت خالدةً تتلى: " قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا". ثم بدأ يشرح له: " أمّا السفينة " ! .
التأملات: 
1. العجب بالعلم مكمن الخطر. فعلى الإنسان ألاّ يعجب بعلمه أو بظنّ بنفسه وصول المنتهى. ويظهر ذلك في معاتبة الله تعالى لموسى عليه السلام بعد أن سئل عن أعلم الناس فنسب ذلك إلى نفسه، وهو درس لمن وراءه، أن لا يرى في نفسه إعجاباً بعلمه أو فهمه أو تميزه، فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وما أوتي الإنسان من العلم إلا قليلاً حتى لو كثر.2. تُلحظ مسألة حب الاستطلاع واضحة جليّة، وتتمثل في ذهاب موسى عليه السلام وتساؤله عن الرجل الأعلم منه، لا لمجرد الرؤية، بل قرن ذلك بنية صحيحة وهي التعلم منه.3. الحرص على التعلم محمدة مهما بلغ شأو الإنسان العلمي وشأنه المعرفي، وهذا هو نهج الأنبياء ومن تبعهم من الصالحين والعلماء، فالعلم ميراث النبوة، ورفعة الشأن، وصلاح الأسس، حتى لو استغرق الأمر من الإنسان زمناً طويلا يسعى به لتحقيق مرامه، ونيل أهدافه. ويظهر ذلك في قوله تعالى: ( أو أمضي حقبا ).4. يتجلى الأدب الجميل .. أدب المتعلم مع المعلم: ( على أن تعلّمني ). وفيه أيضاً فائدة لطيفة، فالمتعلم له أن يبيّن حاله التي سيكون عليها مع معلمه، لينال رضاه عليه، وإقباله لتعليمه. ورغم أنّ المتعلم هنا أرفع قدراً بحكم النبوة والرسالة ( باعتبار نبوة الخضر عليه السلام ) ، إلا أنه يقدم عرضاً للمعلم كي تطيب نفسه بصحبته بشيئين:
أ. 
(ستجدني إن شاء الله صابراً ). أي صبر على التعلم مع تعليقه الصبر بالمشيئة.
ب. 
( لا أعصي لك أمراً ). وفيه تمام الامتثال والطاعة. 5. على المعلم أن ينصح تلميذه غاية النصح، بتبيين حال العلم حتى لا يُدخله فيما لا يطيقه من العلم: ( قَالَ إنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً). مع تبيين السبب فيما يرده عنه أو يمنعه منه. وذلك في تبيين الخضر لموسى عليهما السلام: (وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً).6. من الأدب التربوي أيضاً ألاّ يتعجل التلميذ بسؤال معلمه حتى ينهي حديثه، فربما عرض الجواب في ثنايا الحديث، وذلك يؤخذ من قوله: (فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً )
7. يُتعلم من القصة المبادرة إلى الإنكار في حال وقوع المنكر، فرغم أنّ موسى عليه السلام قد شرط للخضر ألاّ يسأله، إلا أنه أنكر عليه ما رأى ظاهره المنكر، وقد أنكر ناسياً الشرط في البداية حين خرق السفينة، إلا أنه لم يكن قد نسيه حين قتل الغلام، لكون المنكر عظيماً في نظره. (أخرقتها لتغرق أهلها) ، ( لقد قتَلتَ نفساً زكيّةً بغيرٍ نَفس).
8. للمعلم العتاب حين يخطئ تلميذه أو يجاوز: (قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إنَّكَ لن تستطيعَ معيَ صبراً). وعلى المتعلم الاعتذار: (قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً).9. يجوز إتلاف بعض الشيء لإصلاح باقيه، أليست قاعدة عظيمة من قوله تعالى:(فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا).10. صلاح الأب ممتد الأثر ودائم النفع، إذ في الآية دعوة لأن يبدأ الآباء بتربية أنفسهم قبل تربية أبناءهم، فستكون الثمار يانعة وباقية. (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً). حتى قال بعض المفسرين أنه الأب السابع للغلامين.

jeudi 24 juillet 2014

قصة أصحاب السبت


(1) 
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله.

أما بعد:
فهذه القصة العظيمة التي وردت في عدة مواضع من القرآن، وجعلها الله عز وجل موعظة للمتقين، كما قال سبحانه وتعالى: (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ) [البقرة:65، 66]، فكل من اتقى الله عز وجل وعلم هذه القصة، فهو ينتفع بها ويتعظ، ويعلم أهميتها في حياة المسلمين عموماً وخصوصاً.
هذه القصة وإن وقعت لأمة غير أمتنا فقد وقعت في جماعة من بني إسرائيل وإن لم يكن زمنها هو زمننا، إلا أننا نتعلم من قصص القرآن دائما كما ذكر الله عز وجل أنه عبرة لأصحاب العقول (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ} [يوسف: 111]، فلا بد أن نتعلم، ونستفيد، ونطبق هذه القصص علي واقعنا وعلي حياتنا، وليس فقط أن نجعلها مجرد حكاية للتسلية.
فالله عز وجل ليس بينه وبين خلقه نسب، بمعني أكان لأن من فعل مثلما فعل الأولون استحق مثل جزائهم فمن اتقي الله سبحانه وتعالي نال جزاء المتقين السابقين، ومن أعرض عن ذكر الله سبحانه وتعالي وترك ما أمره الله عز وجل به أو كفر أو فسق أو ابتدع، أو عصي الله عز وجل نال جزاء السابقين له الفاعلين ذلك.
ولقد كان الصحابة رضي الله عنهم يستفيدون أعظم الاستفادة من قصص القرآن وخطابه عن السابقين، ولا يمنعهم أن نزول الآيات كان لأقوام غيرهم من أن يحذروا الشر الذي ذموا به وأن يقتدوا بالخير الذي مدحوا.
فهذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتورع عن كثير من طيبات المآكل والمشارب ويتنزه عنها ويقول إني أخاف أن أكون كالذين قال الله لهم و وبخهم وقرعهم (أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا} [الأحقاف:21] مع أن الآية بلا إشكال في الكفار كما ينص على ذلك أولها (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ..)، ولكن الفهم العميق للصحابة رضي الله عنهم دلهم على أن الذم للكفار كان على أعمال وصفات معينة فمن شاركهم في بعضها استحق بعض جزائهم وغن لم يكن كافراً مثلهم.
وهذا حذيفة رضي الله عنه يسأل عن قول الله عز وجل: (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) [المائدة: 44] قالوا نزلت في بني إسرائيل؟ فقال متهكماً على من يريد تخصيصها بسب نزولها: "نعم الأخوة لكم بنو إسرائيل أن تكون لكم كل حلوة ولهم كل مرة"، مع أن سياق الآيات وسبب نزولها في شأن اليهوديين الذين زنيا، وكذا قال الحسن رحمه الله: "نزلت في أهل الكتاب وهي لنا واجبة"، وكذا النخعي: "نزلت فيهم ورضيها الله لهذه الأمة"، فهذه أسباب عظيمة من أبواب الفهم في القرآن تميز به السلف رضوان الله عليهم وحرمه الكثيرون الذين قصروا أنفسهم على الانتفاع بما خوطبت به الأمة الإسلامية مدحاً أو ذماً أمراً أو نهياً فغاب عنهم خير عظيم لا يقدره.
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في فوائد قصة ذات أنواط في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن قال له أجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط قال صلى الله عليه وسلم: "الله أكبر إنها السنن قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: (اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) [الأعراف: 138] لتتبعن سنن من كان قبلكم".
قال في فوائده أن ما ذم الله به اليهود والنصارى فهو لنا أي نحن مخاطبون به ومن فعله منا كان مذموماً مثلهم.
ذلك أن كثيراً من الناس قد يظن ما ذكره الله عن الماضيين أنه ليس لنا ويقول: وما لنا ولهؤلاء؟ وهذا باطل فإن أسلوب الصحابة رضي الله عنهم في القرآن وتطبيقه لم يكن أبداً كذلك فإنهم كانوا يرون أن ما خوطب به السابقون خطاب لنا كذلك ألم يتعلموا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال له بعض الناس أجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط قال صلى الله عليه وسلم: "الله أكبر إنها السنن قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى (اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ فقال: فمن".
فإذا علمنا أن هذه الأمة فيها من يتبع سنن السابقين علمنا أنه لابد أن نحذر من كل منكر قص الله علينا أن السابقين فعلوه لأنه سيوجد مسخ في هذه الأمة أمة الإسلام علمنا مدى الخطر الذي يتهدد من لا يفهم القرآن الفهم السوي الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم "سيكون في آخر الزمان خسف وقذف ومسخ فإذا ظهرت المعازف والقينات واستحلت الخمور".
ويزداد الأمر خطورة في حق من يخشى عليهم اتباع سنن بني إسرائيل وذلك يزداد في آخر الزمان وسوف يوجد في الأمة من يقلد بني إسرائيل والنصارى حذو القذة بالقذة شبراً بشبر وذراعاً بذراع كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالحذر من مشابهة ما فعلته هذه الفئة من عصاة وغواة بني إسرائيل واجب وها نحن نرى كما سنبين إن شاء الله كيف انتشرت الحيل في الأمة الإسلامية مضاهاة لأهل الكتاب خصوصاً عند من يرى إن المسلمين لن يتقدموا إلا بمشابهتهم ومتابعتهم والعياذ بالله.
فمن هنا كان لابد ان نطبق ما نسمعه من قصص القرآن على واقعنا وحياتنا.
والأمر أن نعلم طبيعة الأمة التي ستظل المواجهة بيننا وبينها قائمة إلى قرب قيام الساعة، فإذا علمنا حقيقة هؤلاء ،وعلمنا صفاتهم التي بينها الله عز وجل في القرآن، وفضحهم بها،لم يغرنا غار أو مغرور، ويظن أنه يمكن أن تنطلي علي المسلمين دعاوى المحبة والسلام والوئام والصداقة بين المسلمين وبين أعداء الإسلام من اليهود خصوصا" وممن شابههم من النصارى كذلك .
فالمسلمون يعلمون أن عداوتهم مع اليهود لا تنتهي إلا بقتالهم ، كما أخبر النبي صلي الله عليه و سلم فقال :"لا تقوم الساعة حتى يقتتل المسلمون واليهود ، فيقتل المسلمون اليهود ، حتى يختبئ اليهودي وراء الحجر و الشجر، فينطق الله الحجر والشجر، فيقول: " يا مسلم ،هذا يهودي ورائي، فتعال فاقتله، إلا الغر قد فإنه من شجر اليهود.
و النبي صلي الله عليه و سلم أخبر أن أكبر الفتن و أعظم أمر ما بين أدم إلي قيام الساعة هو الدجال ، وهو منسوب أيضا إلي اليهود .فقد قال صلي الله عليه و سلم: "ما بين أدم إلي قيام الساعة أمر أكبر من الدجال" وثبت أن النبي صلي الله عليه و سلم أخبر أن الدجال يهودي .وقال عليه الصلاة و السلام :" يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفا عليهم الطيالسة ." وهذا يدل علي أن الدجال هو ملك اليهود المنتظر الذي ينتظرونه لفرض سلطانهم علي العالم كله فيما يظنون ، وأن هلاكهم يكون مع هلاكه أو بعده مباشرة كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "يوشك أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدلاً، وإماما مقسطا فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير ويضع الجزية.
وأن عيسي عليه السلام يقتل المسيح الدجال بحربته وذلك بباب لد قرب بيت المقدس.
فالظاهر أن ملحمة قتل اليهود تكون بعد قتل الدجال ملكهم علي يد عيسي عليه السلام وقد سبقت ملحمة قتال النصارى من الروم (الأوربيين) قبل ظهور الدجال بالشام و بعدها تفتح القسطنطينية فتحا ثانيا كما أتت بذلك الأحاديث الصحيحة .
فإذا علمنا صفات هؤلاء القوم حذرنا علي أنفسنا منها ، وكذلك علمنا خطرهم ، وعلمنا حقيقتهم ، فلا يمكن أبدا أن نصدق في يوم من الأيام من يدعي صداقتهم ،ومن يريد موالاتهم ، والدوران في فلكهم ، ونعلم بذلك أن من أحبهم وودهم وسا في فلكهم، وحسب مخططاتهم فإنه منافق عدو للإسلام وإن صلي وصام وزعم أنه مسلم.
هذه القصة الكريمة ذكرها الله سبحانه وتعالي في مواضع كما ذكرنا، وتكررت، إلا أن أكثر المواضع تفصيلاً كان في سورة الأعراف، وحول آياتها يكون موضوعنا إن شاء الله.

(2)
قال تعالي : {واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ، وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ، فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ، فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ، وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} (163- 167) سورة الأعراف"? .

يأمر الله عز وجل نبيه صلي الله عليه وسلم أن يسأل بني إسرائيل عن هذه القرية ، وهذا سؤال توبيخ في الحقيقة ، لأن أولئك الذين عاصروا النبي صلي الله عليه وسلم شابهوا هؤلاء الذين جعلهم الله قردة خاسئين ، فلذلك أمر بالسؤال عن شي يكتمونه مما جرى لأسلافهم وهم شابهوهم فيه ، وساروا علي نهجهم .
لذا نجد أن خاتمة القصة ذكر الله عز وجل فيها أنه يبعث عليهم إلي يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب ، فمن المقصودون بعد هلاك المقصودون هم من كانوا علي شاكلتهم من بقية اليهود ، فهذا تأكد علي الارتباط بين الماضي والحاضر كما ذكرنا .
فهذه القصة توبيخ لبني إسرائيل في عهد النبي صلي الله عليه وسلم لأنهم يفعلون مثل ما فعل أولئك من التحايل علي أمر الله وعدم الالتزام بشرعه قوله تعالي :?واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر?
أي علي ساحل البحر ،ما اسم القرية ؟ وما اسم البحر ؟ ومن كان رئيسها ؟ كل هذا لم يذكره القرآن ، مع أن كثيرا من الناس يبحثون في ذلك أثر البحث وذلك لأنهم لم يفقهوا جيدا طريقة القرأن إذ لا فائدة من الأسماء كثيرا ولا فائدة من الأماكن كثيرا، ولا في أي الأزمنة بالضبط ، لا يعود علينا كبير فائدة من هذا ، وربما لا فائدة علي الإطلاق .
فما العظة في أن نعرف : هل هذه القرية أيلة أم مدين أم منتنا -كما يقولون- بين مدين و عينونة أو غير ذلك ؟ ولذا لم يصح عن النبي صلي الله عليه وسلم تحديد شيء من ذلك ، وإنما نقل ما نقل من ذلك عن أهل الكتاب ، المهم أنها كانت قرية علي ساحل بحر ، وكان عملهم صيد السمك .
والاختصار في الكلام القرآني بليغ غاية البلاغة ، فقد أوضح كل الأمور من غير إخلال علي الاطلاق بأي من المعاني المطلوبة .
قال سبحانه وتعالي:?إذ يعدون? أي : حين يعدون، و المعني و اسألهم عن القرية حين عدت في السبت، ما كان شأنها ؟
ذلك أن الله عز وجل حرم علي اليهود العمل في يوم السبت ،وقد كان هذا نوعا من الأصار والأغلال التي كانت عليهم ، والتي جعلها الله بسبب اختلافهم ، فإن اليوم الذي أمروا بتعظيمه -أصلا- هو يوم الجمعة ، لأنه أعظم الأيام عند الله سبحانه وتعالي فاختلفوا علي نبيهم ، ولم يطيعوه في أول الأمر عندما بلغهم ، فصرفهم الله عن يوم الجمعة، و جعلهم يعظمون يوم السبت حرمانا لهم يوم الجمعة . قال تعالي :?إنما جعل السبت علي الذين اختلفوا فيه ? .
وأخبر النبي صلي الله عليه وسلم فقال: "نحن الآخرون الأولون يوم القيامة، ونحن أول من يدخل الجنة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتينا من بعدهم، فاختلفوا، فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه هدانا الله له، قال:يوم الجمعة، فاليوم لنا وغدا لليهود، وبعد غد للنصارى" ولفظ البخاري "نحن الآخرون السابقون يوم القيامة،بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم فاختلفوا فيه فهدانا الله له، فالناس لنا فيه تبع، اليهود غدا والنصارى بعد غد"
يقصد صلي الله عليه وسلم أن يوم الجمعة كان اليوم المعظم ولكنهم صرفوا عنه وجعل الله عز وجل عليهم من الأغلال الأصار تحريم العمل يوم السبت، فلا يجوز أن يعملوا يوم السبت،ولابد أن يتفرغوا للعبادة، ولأنهم قوم لم يحافظوا علي العبادات اليومية، فأمروا أن يتفرغوا تفرغا" تاما" بترك العمل يوم العبادة الأسبوعية.
والمسلمون أمروا بيسير من ذلك ، وهو وقت أداء صلاة الجمعة ، قال الله عز وجل : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } ? فأمرهم الله أن يتركوا أشغالهم بمجرد سماع الآذان الذي يبدأ الخطيب بعده في الخطبة ، ويذهبوا للصلاة في المسجد "فاسعوا إلي ذكر الله " وأمرهم بعد أن ينصرفوا من الصلاة أن ينتشروا في الأرض و يبتغوا من فضل الله وذلك أن أمة الإسلام -بحمد الله تبارك و تعالي- أهل الالتزام منهم يحافظون علي عباداتهم اليومية ويؤدون الصلوات الخمس ، فلم يحتاجوا إلي ما احتاج إليه بنو إسرائيل من تفرغ كامل طول اليوم عن العمل للعبادة في ذلك اليوم ، وإنما لأجل محافظتهم علي العبادة اليومية فإنهم أكرموا ولم يحرم عليهم العمل يوم الجمعة ، وإنما أمروا ساعة الصلاة فقط بترك العمل للانصراف للصلاة .
وقد اخترع اليهود قصة قبيحة من باطلهم لتعليل تحريم العمل يوم السبت وهي : أن الله تعالي بعد ان خلق العالم ابتداء من يوم الأحد ، انتهي يوم الجمعة واستراح في اليوم السابع لأنه تعب : فوجب علي العباد أن يستريحوا ، أيضا ويتركوا العمل ويتفرغوا للعبادة :
وهذا من عظيم جهلهم و عظيم ظلمهم ، فرد الله عليهم : ولقد خلقنا السموات و الأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب . فاصبر علي ما يقولون .. الآية لغوب يعني : الإعياء الشديد .
فاخترعوا هذا الباطل ، وهم دائما يحرفون و يخترعون وهم طيلة أيام الأسبوع مشغولون بالكسب و المعاش ، فلهم الويل مما يضعون ويخترعون .
كان عمل هذه القرية صيد السمك ، وبدأ اعتداؤهم بصيد السمك يوم السبت _ بشيء عجيب ، قال سبحانه وتعالي : " إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ " في يوم السبت المحرم عليهم العمل فيه يجدون البحر مليئا بالأسماك ، والحيتان هنا معناها السمك ، وهي كذلك في كلام العرب ، كل سمكة تسمي حوتا ، فكانت الأسماك تأتيهم يوم السبت في البحر شارعه زعانفها وخراطيمها في المياه ، تظهر نفسها ، والأسماك - قطعا- لا تدرك أيام الأسبوع ، ولكن قدر الله هذا الأمر العجيب ويوم لا يسبتون لا تأتيهم باقي أيام الأسبوع لا تأتيهم ، لا يكون في البحر سمكة واحدة ، فسبحان الله .

(3)
الحرام قليل والحلال كثير

نلحظ من هنا أمرا من أصول التشريع وذلك باستقراء ما شرعه الله لعباده ، نجد أن الحرام في الأصل هو القليل ، وأن الحلال في الأصل هو الكثير ، فالمحرم يوم واحد و المباح ستة أيام في شريعتهم ، وكذلك أمرنا نحن ، فإن الله _عز وجل _ إينما أمرنا نترك العمل في وقت وجيز فقط ، وانظر في سائر ما حرم الله غلي عباده نجد هذا الأمر أيضا ، تجد الحرام قلة والجلال كثرة قال الله عز وجل ، هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا.. كل ما في الأرض حلال، ماذا استثني الله عز وجل ؟
استثني الميتة و الدم و لحم الخنزير وما أهل لغير الله به ، يعني جميع بهائم الأنعام حلال إلا أن الجنزير محرم ، كل ما في الأرض جلال إلا الجمر .
وهذه المحرمات ، وما حرمه النبي صلي الله عليه وسلم كالحمار الأهلي وكل ذي نان من السباع وكل ذي مخلب من الطير . 
ونجد المحرمات ، من النساء صنفا معدودا من الأقارب وأحل لكم ما وراء ذلكم .
وبالنسبة للمعاملات ، فالشركة و المضاربة و البيع و الشراء و الإجارة و المزارعة و المساقاة و أنواع المعاملات كلها مباحة ، وإنما حرم الله الربا و الميسر ، فتجد أن كل أنواع الأنشطة الإنسانية الأصل فيها الحل إلا ما حرمه الله ، فالأصل في التشريع أن الحلال أكثر من الحرام ليس إلا دائرة ضيقة .
ومع ذلك نجد في واقع حياة الناس إن الحرام ينتشر جدا ، حتي يكاد يغلب الحلال ، ولا يكاد الإنسان يجد الحلال إلا بشق الأنفس ، وهذا هو الذي وقع لبني إسرائيل فالذي حدث لهم أن الحرام الذي هو ضيق أصلا اتسع جدا ، اتسع بمعني أنهم وجدوا السمك يوم السبت فقط ، والحلال الذي هم واسع ستة أيام يباح فيها الصيد ، لا تظهر سمك علي الإطلاق.
ومثاله ما يقع الناس فيه اليوم ، فمع أن أنواع المعاملات المباحة كثيرة جدا ، والربا والميسر المحرم تجد الربا ملأ السهل والوادي وملأ كل مكان ، فلا تكاد توجد معاملة إلا و فيها شبهة الربا ، أو ربا صريح أو ميسر - و العياذ بالله - فلماذا يحدث ذلك ؟
تجد الحرام هو الذي يتسع والحلال يضيق ، حتي في بعض الأماكن في بعض الأزمنة يكاد الحرام يملأ البلد كلها ، ولا يكاد يوجد رزق حلال صاف -والعياذ بالله من ذلك -
فلماذا يضيق الله علي الناس ما أحل لهم ويوسع عليهم ما حرم عليهم؟ يذكر الله عز وجل الحكمة في ذلك ويبينها فيقول : كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون "فهذا اختبار من الله عز وجل فالفسق يعني الخروج عن طاعة الله عز وجل ،هو الذي يؤدي إلي أن يحدث ذلك ، فيضيق الحلال علينا و يتسع الحرام ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
فالإنسان لا بد أن يفهم أن هناك علاقة وطيدة بين الطاعة والمعصية من جانب ، وبين الرزق والكسب من جانب أخر ،فالرزق إذا كان واسعا وفتنة للإنسان ومن حرام ، فهذا يريد الله به الهلاك ، (سنستدرجهم من حيث لا يعلمون و أملي لهم إن كيدي متين ).
فمن وسع الله عز وجل عليه في رزق محرم وسهل له طريق الحرام، فهو يمتحن حتى ينظر ما يفعل ، فإن استمر علي الحرام الذي يكتسبه زاده الله سعة ثم أهلكه عز وجل _قال تعالي :"فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شي حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون ."
بل المؤمن ينظر إلي ما هو أعمق من ذلك ، فهو يري أن هناك ارتباط بين طبيعة العمل وكثرة الشغل ؛ وبين الرزق الذي يصيبه الإنسان فكما قال النبي صلي الله عليه وسلم :"قال الله عز وجل " يا ابن أدم ، تفرغ لعبادتي أملأ قلبك غني وأملأ يدك رزقا ، يا ابن أدم لا تباعد مني ، أملأ يديك شغلآ"
فالعبد المؤمن ينظر إلي العلاقة بين الرزق و بين العمل الذي يعمله ، فالعمل الصالح ييسر للإنسان رزقا حلالا طيبا ،من غير أن يشغل حياته ووقته ،بل يجد بعد ذلك وقتا متسعا كي يعبد الله عز وجل و يتعلم العلم ، ويقرأ أقرأن ، ويجد أنواع الطاعات المختلفة .
أما الذي يتعلل بأنه لا يفعل شيئا من ذلك لأنه مشغول ، لماذا لا يقرأ أقرأن ؟ لماذا لا يحفظ القرأن ؟ لماذا لا يتعلم العلم الشرعي ؟ لماذا لا يدعو إلي الله ؟ لماذا لا يصاحب أهل الخير والتقوى و الصلاح ؟ يقول : مشغول ليس عنده وقت .
فلو كان هذا الرزق حلالا كله لكان من علامات بعده من الله أن يكون مشغولا عن ربه سبحانه و تعالي و عن طاعته كما قال عز و جل "يا بن أدم لا تباعد مني أملأ قلبك فقرا و أملا يديك شغلا "
وخصوصا إذا كان الرزق لا يشعره بالكفاية ، يعني أنه مشغول علي الدوام ليلا و نهارا و مع ذلك لا يجد أن ذلك الدجل يكفيه ، يريد أكثر ، كما قال النبي صلي الله عليه و سلم : (لو كان لابن أدم و أديا من ذهب أحب أن يكون له و أديان و لو كان له و أديان لابتغي لهما ثالثا ، ولن يملأ فاه إلا التراب ويتوب الله علي من تاب ).
فهذا حال الغني المط غي الذي لا يشبع صاحبه أبدا من الدنيا ، ينال منها ويظل يريد المزيد -والعياذ بالله- وكذلك الفقر المنسي ، علي الطرف الأخر المملوءة يدا صاحبه بالشغل ولا يجد الكفاية لتباعده عن الله ، لو أنه اقترب بإرادته وهمه من الله سبجابه وتعالي ليسر الله له ما يكفيه ، دون أن ينشغل الشغل الكثير .
قال :"ابن آدم تفرغ لعبادتي " وهل يعني ذلك أن نجلس في المسجد ونترك أعمالنا وأشغالنا ؟
ليس بالطبع هذا هو المقصود ، إنما التفرغ معناه أن يكون الهم و الإرادة هما واحدا ، ف (تفرغ لعبادتي ) معناه : اجعل همك طاعة الله وعبوديته ، العبادة بمفهومها الشامل الذي يشمل العبادات الظاهرة و الباطنة وكل مظاهر حياة الإنسان ،" قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين .لا شريك له وذلك أمرت وأنا أول المسلمين " .
فالصلاة والنسك (الذبح) والحياة والموت كل ذلك لله عز و جل فلابد إن نسير في كل أمورنا وفق شرع الله وعلي سبيله وعلي صراطه المستقيم ، فمعني : "تفرغ لعبادتي " إن يكون هم الإنسان مرضاة الله عز و جل و أن يطيع الله عز و جل ، فيمكن أن يكون في زواجه في عبادة ، وفي عمله في عبادة ، وفي سيره في عبادة ، وذلك لأن نيته وإرادته انصرفت إلي تحقيق مرضاة الله سبحانه وتعالي ، وليس المقصود أن يترك أعمال الدنيا والتكسب و الرزق ، ويجلس في المسجد ، ويقول : أتفرغ للعبادة ، ليس هذا هو المقصود ، ولكن تفرغ لعبادتي بمعني اجعل الهم هما واحدا واصدق في أنك تريد مرضاة الله فإذا تعارض شىء من الدنيا مع مرضاة الله قدمت مرضاة الله سبحانه وتعالي قطعا ، ولم تقدم شيئا من الدنيا علي طاعة الله وطاعة رسوله صلي الله عليه وسلم.
فلا يتصور مسلم يقول: إنه يترك الصلاة في وقتها أو في الجماعة من أجل أنه مشغول بعمل ، فهذا نقص بلا شك و هذا ليس بالمسلم الكامل الذي يؤدى حق الله عز و جل ، فالذي يفرط في واجبات الشرع من أجل أنة مشغول بالدنيا بعيد عن الله.

والأشد بعدا المشغول بشغل حرام -والعياذ بالله- وعمل حرام ، يأكل الربا ، أو يغش الناس ،أو تعامل بالميسر و القمار ، ويتكسب المكاسب المحرمة أو يعمل أي عمل يعين فيه علي معصية الله -سبحانه وتعالي- فهذا في خطر عظيم ، وهذا هو البعيد … أبعد الناس عن الله سبحانه وتعالي. 
نعود إلي قصتنا فنقول : كان هذا الابتلاء من عز وجل لهذه القرية لعلهم يتوبون،كان لابد لهم أن يفكروا لماذا ضاق الرزق ، لماذا وجدنا الفقر ، لابد أن هناك سبب ، كان لابد أن ينظروا هذه النظرة ويفكروا هذا التفكير ، وهو أن الفسق هو السبب ، كما قال سبحانه وتعالي :"وما أصابكم من مصيبة فما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير "
وليس المطلوب أن يكون الإنسان ذا مال كثير، فحاجة الإنسان تحصل بالكفاية، أي أن يجد ما يكفيه كما دعا النبي صلي الله عليه وسلم "اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا "، القوت هو الذي يكفي ،دون أن يحتاج لأحد ،فهذا هو المطلوب ، وهذا مع طاعة الله هو أمثل الأحوال وهو أفضل ما يكون مع أن النفس الإنسانية بطبيعتها الجاهلة الظالمة تريد الزيادة علي الكفاية ، وتريد أكثر وأكثر ،ولكن النبي صلي الله عليه وسلم بين أن أفضل الرزق هو ما اختاره لنفسه ولأهله وهو القوت الذي لا يكون أنقص مما تحتاج فيضرك ذلك ، بأن تضطر إلي سؤال الناس ، ولا زائدا عن الحاجة فيشغلك فلذلك نقول أن الرزق عندما يضيق بالإنسان إلي درجة الفقر المنسي أو يتسع إلي الغني المطغي فلابد أن ينظر إلي أنه مقصر في طاعة الله.
فالفسق والمعاصي هي آلتي تجلب المصائب والبلاء ، كما قال سبحانه وتعالي لخير الناس بعد الأنبياء: "أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أني هذا .."قل هو من عند أنفسكم إن الله علي كل شي قدير " فكل ما يصيبنا من مصائب فيما كسبت أيدينا ، فإذا وجدنا الأمر قد ضاق ،فلابد أن ننظر في أفعالنا فنتوب إلي الله عز وجل ليتسع مرة أخري.
كان علاج هذه القرية أن يتوبوا إلي الله عز وجل من المعاصي والفسق الذي ارتكبوه ، فيعود الأمر كما كان ، يتسع الحلال ويضيق الحرام ،تأتي الأسماك كما تأتي لكل الناس في كل أيام الأسبوع .
كيف بدأ تصرف بني إسرائيل ، لم يفهموا معني الامتحان ومعني الابتلاء ، فالله ضيق عليهم ليرجعوا إلي الهدي فلو يستجيبوا ، إنما شرعوا يتحايلون علي شرع الله ،لم يعلموا أن السمك إنما يتحرك بأمر من الله عز وجل ، بل غفلوا عن ذلك ، فكأن السمك يعرف الأيام فيحتال عليهم ، فقالوا نحن نحتال عليه.
فبدأ أحدهم ينصب شبكة يوم الجمعة ، أي يجئ قبل السبت ، فيقع السمك في الشبك يوم السبت ، وياخذها هو الأحد ،فوجد بعض الناس رائحة السمك يشوى فيما يذكرون ، فتتبعوا الرائحة حتي وجدوها في بيت واحد منهم ، فجعلوا يسألون كيف أتي بالسمك وهم يشتاقون له جدا فقد مرت عليهم أيام ، أو أسابيع ، وربما شهور -والله أعلم- وهم يشتاقون للسمك ، فأخبرهم بما صنع ، فأخذوا يتدافعون علي فعل ما ويقولون "لم نصطد يوم السبت ، لم نعمل يوم السبت "وكذبوا، فمتي حصل الصيد في الحقيقة ؟ … يوم السبت.

(4)
التحايل على شرع الله

والتحايل علي شرع الله صفة من صفات اليهود ، ولكنها ورثت فيمن أشبههم ممن ينتسب إلي الإسلام وكما حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك فقال: "لا تشبهوا باليهود فتستحلوا الله بأدنى الحيل".
فاستحلال محارم الله بأدنى الحيل والتحايل على شرع الله سمة يهودية والعياذ بالله، وهناك من يفعلها من المسلمين، كمن يسمي الربا بغير اسمه ليضل الناس، كالاستثمار مثلاً، أو يسميه بالفائدة، أو عائداً أو نحو ذلك، وهو في الحقيقة ربا.
ومن يتعامل مع الناس بالإقراض والزيادة عليه أو بالإقراض الذي تشترط فيه شروط معينة كبيع أو إجارة أو عقد آخر كما يصنع كثيراً من الناس، يقرضهم قرضاً للصرف على ما يحتاجون من أرض وغيرها بشرط أن يبيعوا له إنتاج أرضهم، وهذا للأسف كثير.
أو مثل كثيراً من الناس الذين يتعاملون بأنواع من القروض بفائدة من البنوك أو صناديق الاستثمار أو رجال الأعمال وغيرها، كل ذلك من الربا المحرم، وإن سمي بغير اسمه، حتى ولو تبرع بفتوى باطلة بعض من ينتسب إلى أهل العلم، وهو ليس منهم وإن كان عند الناس يشار إليه بالبنان، فإن من احل ما أجمع العلماء على تحريمه، وإن كان متأولاً ويزعم إنه مجتهد، فهو مبطل، لن الاجتهاد لا يكون في خلاف الإجماع.
ومن الحيل المنتشرة نكاح التحليل، الذي يطلق امرأته ثلاثاً ثم يتفق مع رجل يحلها له، يسمى في الشرع الإسلامي التيس المستعار، كما قال صلى الله عليه وسلم: "لعن الله المحلل والمحلل له"، وذلك بأن يتفق مع رجل بأن يتزوج امرأته ويطؤها أو لا يطؤها، ثم يطلقها بعد يوم أو يومين، يزعم بذلك أنه يحله للأول، فهذا من التحايل على شرع الله، بل ذلك يبطل العقد الثاني، ولا يحلها للزوج الأول.
وهناك أنواع من الحيل في البيوع، مثل بيع العينة وهو نوع من الربا لكن بحيلة على الربا، وذلك بأنه يقول لمن يريد أن يقترض مه مائة مثلاً والرجل لن يقرضه مائة إلا بمائة وعشرون، فيقول: اشترِ مني هذه السلعة بمائة، وهو يعرف ما سوف يتم، فيشتريها بمائة ويقبضها إياه، ثم يقول: أنا أشتريها منك بالتقسيط بمائة وعشرون، فرجعت له سلعته، وأصبح مديناً بمائة وعشرون، وهو قبض مائة فصارت المائة مائة وعشرون، ودخلت بينهما السلعة.
وقريب جداً من هذا مسألة التورق وصورته لو أن رجلاً لا يجد من يقرضه فيشتري سلعة من السوق بالتقسيط بسعر مائة وعشرون، وهو يعلم أنها تساوي مائة، فيبيعها بمائة، وهذا التورق بيع عينة من ثلاثة أطراف (1).
فالتعامل بالتقسيط بدون ضوابط شرعية يوقع الناس في الربا كثيراً والعياذ بالله بنوع من التحايل، فالتقسيط نفسه جائز ولكن بضوابطه الشرعية.
فما يتم في المعارض مثلاً من أنهم يأتون بسلع لا يملكونها، ولا يشترونها، ولكن يقولون: نحن نحضر لك السلعة التي تريدها، وسندفع لك الثمن، وسدد لنا أنت بعد ذلك، فهذا الوسيط الذي لا يمتلك السلعة، ولكن يبيعها قبل تملكها وقبضها، والواجب أن يستلم السلعة وتقع في ضمانه، ثم يبيعها بعد ذلك، وله الحق في أن يربح، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ربح ما لم يضمن، فأما أن يقول له اشتري ما تريد، وأنا أسدده لك وأنت تسدد لي بعد ذلك، فهذا هو القرض الذي جر نفعاً بلا شك وطالما أنه لم يحز السلعة ولم يمتلكها في يده، ويقبضها لا يجوز أن يربح فيها.
وهذا نوع من التحايل على ما حرم الله عز وجل، لذلك نقول: الحذر واجب من التحايل على الشرع، خصوصاً في باب الربا، فإنه من أخطر الأبواب التي يقع فيها كثيراً من الناس من التحايل على شرع الله كما فعل اليهود في هذه القصة.
بدأ الأمر كما ذكرنا بأنهم صاروا يعتادون في السبت بهذه الطريقة، وهو أنهم ينصبون الشباك يوم الجمعة، ويأخذون السمك يوم الأحد، وقيل إنهم حفروا حفراً يقع فيها السمك عندما يمد البحر، ثم إذا جاء الجذر عجز السمك عن الخروج من الحفر، فيتناولنه يوم الأحد فالله أعلم، لكنهم كانوا يتحايلون بطريقة معينة على عدم الصيد يوم السبت.

(5)
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفوائد الدعوة إلى الله:

هنا انقسم المجتمع في هذه القرية إلى ثلاثة أقسام:
1- قوم معتدين يفعلون هذه الحيلة المحرمة.
2- قوم آخرون رفضوا ذلك، وأبوا، وهم قوم صالحون نهوا المسيئين عن ذلك، ودعوا إلى الله عز وجل وشرعوا ينهونهم عن الاعتداء في السبت.
3- أمة ثالثة سكتت عن الدعوة، وليس هذا فقط، بل شرعت تيئس الدعاة، قال تعالى: (وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) [الأعراف:164]، فهذه الطائفة قالت للدعاة إلى الله نحو ما نسمع اليوم "لا فائدة"، "لا تتعبوا أنفسكم"، "هل أنتم الذين تصلحون الكون"، "الفساد مستمر"، "ولن تأتي الدعوة ثمرتها"، "بل لابد أن يهلك هؤلاء على ضلالهم".
وهذا الصنف نوع من الناس لا يريد المشاركة الإيجابية في تغيير الشر والفساد، فهو يعلم الخير من الشر، ويشعر بالتأنيب من نفسه اللوامة لأنه مقصر، ويود لو أن الناس كلهم مقصرون، ولذلك يقول لغيره دع عنك إتعاب نفسك، ودع عنك ما تبذل من دعوة، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، فإنه لا فائدة!!.
وهذا منه تبرير لموقفه السلبي في ثوب نصيحة، ولا شك أن هذا جهل كبير منهم بفوائد الدعوة إلى الله تعالى، على الداعي نفسه، وعلى المجتمع بصفة عامة.
وإن كان الدعاة إلى الله أفهم لوظيفتهم وواجبهم الذي افترض على الأمة من هؤلاء الذين يثبطون الدعاة دائماً، ذلك لأن الدعاة يعلمون أن الدعوة إلى الله لها هدفين أساسيين، ولا تخلوا من فائدة طالما وجد هذان الهدفان.

الهدف الأول وهو الأثر العام للدعوة:
إبلاغ الحق للناس أعذاراً إلى الله عز وجل، فإنه يكون لنا عذر بين يدي الله سبحانه، إذا كان المنكر يفعل فقلنا للناس إنه منكر، وبلغناهم شرع الله عز وجل، وهذا الهدف يحصل بمجرد فعل الدعوة، وبمجرد إبلاغ الحق للناس سواء استجابوا أم لم يستجيبوا، التزموا أو لم يلتزموا، قبلوا الدعوة أو لم يقبلوها، فذلك حاصل بدون النظر إلى النتيجة، وهذا يثاب عليه العبد بين يدي الله في الآخرة ويثاب في الدنيا بمنع نزول العقاب العام ومنع تعذيب الجميع، وذلك أن تعذيب الجميع ونزول الفتن التي لا تخص الظلمة فقط، إنما يقع عندما يظهر المنكر ولا يغيره أحد، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا رأى الناس المنكر فلم يغيروه، أوشك الله أن يعمهم بعقاب"، فالإعذار هنا معناه إظهار كراهيتنا للمنكر، وعذرنا بين يدي الله أننا بلغنا الحق.
والحق أنه عند التأمل في الأدلة المتعلقة بشأن وجود الطائفة المؤمنة في مجتمع تظهر فيه المنكرات يمكننا أن نلاحظ أن هناك عدة مراتب وأحوال:

المرتبة الأولى:
أن تكون الدعوة ظاهرة وشعر الإسلام ظاهراً في مجتمع من المجتمعات وتكون كلمة الحق معلومة، فعند ذلك لا يعذب الله الجميع، بل إذا نزل عذاب نجى الله المؤمنين الدعاة، كما قال الله عز وجل: )وَمَا كَان للّهُ لِيُعَذِّبَهُم وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ([الأنفال:33]، أي: وفيهم من يستغفر، ولو أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندهم لنزل فيهم العذاب، وذلك يدلنا على أن وجود النبي صلى الله عليه وسلم كان أماناً لأمته وهكذا ظهور الدعوة إلى الله عز وجل، أمام لكل مجتمع من المجتمعات من العقاب العام، فإذا ضاعت الدعوة، فإن ذلك يؤذن بعذاب الجميع.
فإذا كانت لديهم قوة على التغيير باليد لم يكن الوعظ كافياً، بل لابد من إزالة المنكر، كما قال صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان"، لكن إذا ترتب على التغيير باليد مفاسد معتبرة أو إيذاء معتبر له أو لأهله أو لعموم المسلمين لم يكن له ذلك(2).

المرتبة الثاني:
أن يكون هناك من هو صالح في نفسه وعاجز عن أن يبلغ كلمة الحق للناس، لأن الناس يمنعونه ويكرهونه على تركها، فهؤلاء قد يقع العذاب عليهم جميعاً، ويبعثون على نياتهم، وقد يدفع الله العذاب عن الناس بهم، فهو سبحانه يفعل هذا وذاك، ولكنه سبحانه وتعالى لا يعذب أمة بأسرها مع ظهور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأن العذاب يحدث مع عدم الاستجابة لأمر الله عز وجل لكن إذا وجد من يسكت لعجزه، مستضعف ساكت عن الحق لا يستطيع أن يقوله ولا أن يعلنه فهذا قد ورد فيه قول الله تعالى: ( وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاء لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) [الفتح:33].
فالله دفع عن أهل مكة العذاب الأليم على الجميع لوجود طائفة مستضعفة، وإن لم تكن تدعو إلى الحق وتظهره من أجل عجزها.
وورد في مثل هؤلاء أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم: "يغزو جيش الكعبة، فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم وأخرهم"، وقالت عائشة رضي الله عنها قلت يا رسول الله: يخسف بأولهم وأخرهم وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم؟ قال  صلى الله عليه وسلم : "يخسف بأولهم وأخرهم ثم يبعثون على نياتهم".
وفي رواية أخرى قالت أم سلمة: إن الطريق تجمع فيهم المجبور والمستبصر وابن السبيل، قال  صلى الله عليه وسلم : "يهلكون مهلكاً واحداً، ثم يصدرون مصادر شتى".
ومن عجز عن الدعوة يكون معذوراً، وإن احتمل أن ينزل العذاب العام بدرجات متفاوتة، ليس شرطاً أن يكون مستأصلاً، بل قد يكون أنواعاً من المحن العامة، لو قلنا مثلاً المجاعات، سوء الحال، الفقر الشديد، الأمراض المنتشرة، الزلازل، الأعاصير، وهذه يمكن أن تصيب الصالح والطالح، وهذا نوعاً من العذاب الذي يصيب الجميع إذا كانت هناك طائفة مستضعفة لا تستطيع ان تؤدي دورها في الدعوة إلى الله والمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بحيث لا تظهر شعائر الإسلام.
فربما عذب البعض من الأبرياء ويكون ثواباً لهم عند الله، ويكون نزول العذاب العام تكفيراً لسيئاتهم ويبعثون يوم القيامة على نياتهم، ومن هذا قوله تعالى: )وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً( [الأنفال:25].
قال ابن كثير رحمه الله عن ابن عباس في تفسير هذه الآية: "أمر الله المؤمنين ألا يقروا المنكر بين ظهرانيهم فيعمهم الله بالعذاب"، وهذا تفسير حسن جداً، ثم ذكر جملة من الأحاديث في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، منها حديث أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا ظهرت المعاصي في أمتي عمهم الله بعذاب من عنده"، فقلت: يا رسول الله أما فيهم أناس صالحون؟ قال: "بلى"، قلت: فكيف يصنع أولئك؟ فقال: "يصيبهم ما أصاب الناس ثم يصيرون إلى مغفرة من الله ورضوان"، وله شاهد من حديث ابن ماجه من حديث عائشة.
ويؤيد هذا حديث زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ من نومه وهو يقول: "لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه (وعقد سفيان الراوي بيده عشرة أي حلق حلقة) قلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال: "نعم إذا كثر الخبث" متفق عليه.
وهذا الحديث يوضح الحالة التي نزل بها العذاب العام، مع وجود الصالحين وهو كثرة الخبث.
وهو الفسق والفجور وقيل الزنا خاصة، قال النووي: والظاهر أنه المعاصي مطلقاً. ويلاحظ أنه لا يكون الإنسان صالحاً إلا وهو يؤدي الواجب عليه، ولو كان قادراً على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بدرجة من الدرجات ولم يقم به لم يكن صالحاً.

المرتبة الثالثة:
أن يوجد من يقدرون على الدعوة والتغيير فلا يفعلون، أو الوعظ فيسكتون ولا ينتقلون عن مكان المنكر فيكونون مستحقون للعذاب لتقصيرهم كما قال تعالى: )وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا( [النساء:164].
فمن سمع آيات الله يكفر بها ويستهزئ بها، وهو قادر على أن يغير ولم يغير، ولم ينتقل، فهو آثم بسكوته وبه يبدأ إذا نزل العذاب العام، كما في بعض الآثار، أن قرية أمر الله بهلاكها، فتقول الملائكة: "يا رب إن فيهم عبدك فلان فيقول: فبه فابدؤوا فإنه لم يتمعر وجه فيِّ قط"، أي لم يتغير وجه عند رؤية المنكر، ولذلك من كان يجلس على مائدة تدار عليها الخمر ملعون مثل من يشربها والعياذ بالله ذلك أنه مشارك لهم وهم يشربون.
وروى الإمام أحمد عن حذيفة ابن اليمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً من عنده ثم لتدعنه فلا يستجاب لكم"، وفي رواية له قال: "أو ليبعثن الله عليكم قوماً ثم تدعونه فلا يستجيب لكم".
وروى البخاري عن النعمان بن بشير رضي الله عنه مرفوعاً: "مثل القائم على حدود الله والواقع فيه كمثل قوم ركبوا سفينة فأصاب بعضهم أسفلها وأوعرها وشرها وأصاب بعضهم أعلاها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا الماء مروا على من فوقهم فآذوهم فقالوا لو خرقنا في نصيبنا خرقاً فاستقينا منه ولم نؤذ من فوقنا فإن تركوهم وأمرهم هلكوا جميعاً وإن اخذوا على أيديهم نجوا جميعاً" ورواه الترمذي في الفتن.
وهذه الأحاديث تختلف عن الأحاديث التي ذكرناها في المرتبة الثانية وذلك أن الساكتين عنا مقصرون آثمون مستحقون للعقاب في الدنيا والآخرة.
لأنهم غير صالحين لعدم قيامهم بالواجب، كما قال سعيد بن المسيب في قوله تعالى: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ( [المائدة:105]. قال: "إذا أمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر فلا يضرك من ضل إذا اهتديت" رواه ابن جرير عنه، وروى عن حذيفة وغير واحد من السلف مثل ذلك.
ومن هنا يظهر لنا أهمية الدعوة إلى الله في تحقيق الهدف الأول وهو الإعذار إلى الله وثمرته منع العقاب العام والفتنة الشاملة وهذا الهدف يتم تحقيقه إذا بلغ الحق للناس وظهر شعار الدين بين الناس كما قال تعالى: )وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ( [الكهف:29].
ومن اجل تحصيل هذه الغاية تجوز أو تستحب أو تجب الإقامة بين ظهراني الكفار والظلمة والفسقة كما أقام الرسل صلوات الله وسلمه عليهم أجمعين في ديار الكفر ووسط الكفار للقيام بواجب الإبلاغ، وبقى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر عاماً في مكة والأصنام حول الكعبة يراها صباحاً ومساءاً في بيت الله الحرام صابراً محتسباً لكي يبلغ الحق لجميع الناس.
والأمة مكلفة بالقيام بهذا الواجب واجب الإبلاغ بالنيابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال: "بلغوا عني ولو آية"، وقال: "فليبلغ الشاهد منكم الغائب".

الهدف الثاني الأثر العاجل:
من أهداف الدعوة احتمال استجابة البعض، قالوا:
أولاً: ( قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ ) ، ثانياً: ( وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) .
جزموا بالمعذرة، وتمنعوا أو رجوا التقوى، النتيجة التي نتمناها ونرجوها هي التقوى، وجزموا بالمعذرة، لم يقولوا: لعله معذرة وليتقوا، بل قالوا: معذرة أي ندعوا إلى الله معذرة، لعلهم يتقون، وذلك أن نتيجة الدعوة إلى الله ليست بيد الداعي، فهل يجزم أحد بأن المدعو سوف يستجيب أو يهتدي؟، لا يعلم ذلك إلا الله، فهؤلاء الدعاة رجوا أن يهدي الله طائفة منهم لعلهم يتقون مع تكرار الوعظ.
فالداعي إلى الله عز وجل من شفقته وحبه للخير يحب للناس الهداية أولاً، ولا يريد بدعوته أن يعذبوا أو يهلكوا، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يربِّ الصحابة على ذلك قط، بل يقول لعلي رضي الله عنه وقد أخبره أن خيبر ستفتح على يديه وخيبر من أغنى حصون اليهود الذين معهم من الأموال ما معهم... يقول: "انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، فادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيهم، فوالله لأن يهدي الله بك رجل واحداً خير لك من حمر النعم".
ولذلك يقول العلماء: إن من ضمن فوائد الدعوة ونفعها الأثر العاجل المباشر أن يستجيب المدعو مباشرة، كأن تقول له اتق الله، قم فصلِّ فيطيع ويقوم ويصلي، وتقول للمرأة: اتقي الله والبسي الحجاب الشرعي، فتقول سألبسه وتفعل فعلاً.
وهذا الأثر هو المحبوب المرجو لدى الداعية في أن يستجيب المدعو إلى الله تعالى مباشرة، ويتوب إلى الله عز وجل من معصيته وينجو من عذاب الله قبل أن يهلك بإصراره على معصيته، وهذا ولا شك قليل إلا أنه موجود، فقليل من يشبه أبا بكر الصديق في سرعة استجابته للحق، ورجوعه إليه، فعندما عرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام لم يتلعثم، ولم يتردد لحظة، وقبل مباشرة، والصحابة بعد ذلك تأدبوا بهذا الأدب، فتعلموا فكانوا واقفين ورجاعين عند كتاب الله تعالى.
وهكذا ينبغي أن يكون المؤمن، إذا ذكر يتذكر، وهذه علامة على حياة القلب وصحته، ذلك لأن الإنسان لا يخلوا من معصية، لكن إذا ذكر يتذكر وينيب، ويتوب ويرجع إلى الله سبحانه وتعالى.

الهدف الثالث الأثر الآجل:
وهو داخل أيضا في قوله تعالى عن المؤمنين )وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ(، وذلك لأن الدعوة إلى الله تؤدي إلى ما يسميه العلماء "إحداث نكاية" في القلب الفاجر والعاصي، وربما يؤثر ذلك في الكافر بتكرار الأمر والنهي بأن يرتكب المنكر وهو غير مطمئن إليه لتكرير التذكير: أنت على منكر، أنت على حرام، فيحدث نكاية فوق نكاية في قلبه، إلى أن يمن الله تعالى عليه في الوقت الذي يشاء عز وجل بالهداية فيهتدي، ويترك المنكر.
فتقول لمن لا يصلي: قم فصلي، فيقول: الله يهديني، وعندما يكبر ويعقل يصلي فعلاً، ونقول للمرأة: ارتدي الحجاب، فهو فرض، فتقول: إن شاء الله عندما أتزوج، وعندما تعقل تتحجب بالفعل.
وهذا أمر مشهود، وكثيراً جداً من الناس ينصح مرات، ثم في المرة بعد المائة يلتزم ويهتدي.
فمنذ خمسة وعشرين عاماً تقريباً لم تكن هناك امرأة واحدة ترتدي الزي الشرعي إلا نادراً جداً، ثم بدأت الصحوة الإسلامية منذ خمسة وعشرين عاماً، وكانت الملابس القصيرة آنذاك عادية جداً، وفي الريف والمدينة لم تكن امرأة تغطي شعرها، ثم بدأ الحجاب يظهر.
الآن من هن في سن الأربعين أو الخامسة والربعين لا تكاد توجد من تكشف عن شعرها في هذا السن إلا قليل جداً، كن من قبل متبرجات، وسمعن أن الحجاب واجب، وأن المرأة لابد أن ترتديه، وبعد سنين عندما من الله عليهن بالهداية استجبن.
فالهداية من عند الله، ونحن لا نعلم متى يستجيب المدعو، لكن على الأقل سيتأثر قلبه، ويعلم أنه مخطئ، هذه ثمرة من ثمرات الدعوة لكنها ثمرة مخفية لا تظهر في الحال ويرجى بإذن الله أن تثمر في المستقبل.
فالإنسان الذي يحس أنه مخطئ أفضل بلا شك من الذي يرى نفسه على صواب، فالأول قلبه متغير نحو هذا المنكر، لا يقر المنكر ويقول: أنا على خطأ، والثاني الأخطر والأشد جرماً الذي قلب المعروف منكراً، والمنكر معروفاً، أصبح ما يفعله هو الصواب، وما تقوله له أنت هو الخطأ.
ولذلك يريد أعداء الإسلام أن يفعل الناس المنكر، وليس هذا فقط بل يفعلونه ويرونه صواباً، فالذي يأكل الربا وهو يعلم انه مخطئ، خير من الذي يأكله ولا يرى به بأساً، والمتبرجة التي تعلم خطأها خير من التي تقول: "هذه حرية، وهذا الذي ينبغي أن يكون، والناس كلها تتقدم وأنتم تتخلفون".
هذا من الممكن أن يوصلها إلى الكفر والعياذ بالله، بل هذا فعلاً من الكفر، إذا كانت قد بلغتها الحجة، واعتقاد القلب وعمله وانقياده من أعظم أركان الإيمان، فإحداث النكاية في قلب العاصي من أثر الدعوة، وهو يحافظ على قول القلب وعمله وإن كان ضعيفاً لا يستطيع التأثير في الجوارح.
فإذا نظرنا في تاريخنا الإسلامي، وبالتحديد في تاريخ الصحابة رضي الله عنهم، نجد خالد بن الوليد مثلاً أسلم بعد عشرين سنة، كان خلالها يحارب الإسلام، وكذلك عمرو بن العاص أسلما بعد صلح الحديبية وغيرهما كثير.
فبقاء الدعاة إلى الله في مثل تلك القرية يكون لأحد الهدفين:
الأول: أن يوجد أناس لم تبلغهم الدعوة، فبقاء الدعاة من أجل إبلاغهم الدعوة.
الثاني: استجابة قلوب البعض كلياً وبسرعة أو جزئياً ولو بعد مدة.
والذي يجعل الصغير والكبير يفعل المنكرات، أنه يجد في كل الناس منكراً منتشراً بشكل عادي، فلو أن كل من شتم أو سب أو قذف وجد من يقول له: اتق الله، وهذا حرام، لن ينشأ الصغير متعوداً على سب الدين، أو سب الأم والأب واستعمال ألفاظ القذف والاتهام بالزنا والفواحش وكل منها يستوجب حداً، وربما يرتكب الواحد منهم عدة جرائم كبرى في لحظة واحدة مما يستوجب عدداً من الحدود، فإذا وجد من يقول: اتقوا الله، لن يكون الأمر بسيطاً وطبيعياً عند الناس ولن يهون في نظرهم.
مثلاً لا يوجد في مجتمعنا اليوم شاباً يقبل فتاة في الطريق، ولكن قد يحدث في بعض الأماكن الأخرى، فلو لم ينكر الناس عليهم فسنجد بعد عدة أعوام رجالاً يقبلون نساءً في الطرقات، أما لو قلنا لهم اتقوا الله، هذا حرام سيخجلون، أما سكوتنا نحن فهو الحياء المذموم والخجل غير الشرعي.

(6)
قال تعالى: ( فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ )  [الأعراف:165]، عندما تركوا ما ذكروا به أنجى الله الذين ينهون عن السوء، فذكر ربنا نجاة الدعاة إلى الله من العذاب العام بسبب دعوتهم، )وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ(، يبين سبحانه أن الظلمة عذبوا عذاباً شديداً بفسقهم.

فأين الساكتون؟ أين الذين قالوا: لم تعظون قوماً الله مهلكهم؟ سكت عنهم القرآن كما سكتوا عن الدعوة، سكت الله عن الساكتين عن الحق، ولذلك اختلف العلماء فيهم، فمنهم من قال: نجوا لأنهم كرهوا المنكر، فمن كره المنكر وعرف أنه منكر فهذه أول خطوات النجاة، وهذا مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه رجع عن القول بهلاكهم، قال حماد بن زيد عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس في الآية، قال: "ما أدري أنجا الذين قالوا )لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا(، أم لا؟"، قال: فلم أزل به حتى عرفته أنهم قد نجوا فكساني حلة،
قال ابن كثير رحمه الله: "ولكن رجوعه أي ابن عباس إلى قول عكرمة في نجاة الساكتين أولى من القول بهذا (يعني قوله الأخر بهلاكهم). لأنه تبين حالهم بعد ذلك والله أعلم.
وقوله تعالى: )وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ...( الآية، فيه دلالة على ان الذين بقوا نجوا.
وواضح أن حكم الساكتين مما يفهم من الآية وليس صريحاً، لذلك فالاحتمال وارد أن يكونوا من الطائفة الهالكة لتركهم الواجب عليهم، ويحتمل أنهم نجوا بكرهيتهم والله أعلم.
وابن عباس كان يبكي رضي الله عنه عند سماع هذه الآية وتلاوتها، وهذا من تطبيق الصحابة للقرآن عملياً على واقعهم، قال ابن عباس: "رأينا أشياء وسكتنا"، فلنا أن نتخيل المنكرات أيام ابن عباس ماذا كان نوعها لكي يبكي ابن عباس؟، ولما أشار إليه عكرمة بأنهم ربما يكونون قد نجوا لأنهم كرهوا المنكر كساه ثوبين، ذلك أن الأمر المختلف فيه غير الذي نص عليه القرآن، فنحن نحلف بالله أنه من دعا إلى الله من هذه الطائفة نجا قال تعالى: )أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ (، ولا نستطيع أن نحلف ولا أن نجزم بشأن الطائفة الساكتة، ولذلك من أرد أن ينجو، فليدخل في ضمان النجاة بإذن الله تبارك وتعالى.
قال تعالى: )فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ(.
لما رأت الطائفة الواعظة عدم الاستجابة من الطائفة المعتدية في السبت، رحلوا وهذه كانت بداية النجاة لهم وبنوا سوراً بينهم وبين أهل المعصية كما ذكر ذلك ابن عباس رضي الله عنهما.
كيف كانت نجاة الدعاة إلى الله؟ انعزلوا بعد أن اكملوا بلاغ الحق إلى الناس وانعدمت الاستجابة، ولا يرجى أن يستجيب أحد لأن العتاة صاروا يقابلون الدعوة بالإباء والإعراض والتولي عن الذكر فالدعوة استنفدت كل أهدافها، فلابد من الرحيل إلى مكان آخر نستطيع أن نعبد الله فيه.
كما قال تعالى: )قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ( [الزمر:10]، وقال: )يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ( [العنكبوت:56]، فالله عز وجل أمرنا أن نعبده في مكان من الأرض، فلو لم توجد فائدة من الدعوة إطلاقاً فلا يجوز أن نبقى في هذه البلدة التي تنتشر فيها المنكرات، كما قال الإمام مالك بن انس: "لا يحل لأحد أن يبقى في بلدة يسب فيها السلف"، فإذا كان الرب يسب والدين يسب والعياذ بالله، فإذا كنت تبقى للدعوة إلى الله والإعذار إلى الله ولكي يستجيب أحد من أبناء المسلمين للحق، أو تستنقذ مسلماً من هلكة فلتقم، أما أن تبقى لمجرد الكل والشرب، ولمجرد تحصيل الأموال، فلا يجوز أن تبقى في مكان ينتشر فيه المنكر من أجل أغراض دنيوية.
فهذه الطائفة المعذبة "عتوا عما نهوا عنه" فبعد أن كانوا يتحايلون، استمروا في الإجرام اكثر، فشرعوا يصطادون يوم السبت مباشرة، ويعتدون في السبت مباشرة والعياذ بالله، وفي يوم من الأيام أمر الله عز وجل هذا الأمر الذي ذكره سبحانه وتعالى: )قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ(، أمر تكوين، أمر الله عز وجل بكن فكانوا قردة أذلاء خاسئين مسخوا قردة والعياذ بالله.
في يوم من الأيام أراد الصالحون أن يعرفوا ماذا فعل أصحابهم؟ فتسلقوا السور، أو فتحوا بينهم باباً، فلم يجدوا في القرية أحداً، ووجدوا قردة تتعاوى، فنزلوا ينظرون ما الشأن، فلم يجدوا أحداً منهم وكان القرد يعرف قريبه وجاره، ولا يعرفه ذلك القريب، فيأتيه ويشمه ويربت عليه فيقول: "ألم أكن أنهاك؟ فيشير أن نعم، ويبكي ولا يستطيع أن يتكلم والعياذ بالله، وقيل مسخ شبابهم قردة وشيوخهم خنازير وذلك أن الله ذكر مسخ الخنازير أيضاً والخنزير أقبح، قال تعالى: )قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَـئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ( [المائدة:60].
وهذا المسخ سيقع في هذه الأمة مثله عندما تشرب الخمور وتضرب المعازف على الرؤوس كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، ولينزلن أقواماً إلى جانب علم يروح عليهم بسارحة لهم يأتيهم لحاجة، فيقولون ارجع إلينا غداً فيبيتهم الله ويضع القلم، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة".
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يمسخ قوم من أمتي في آخر الزمان قردة وخنازير"، قيل: يا رسول الله ويشهدون ألا إله إلا الله وأنك رسول الله ويصومون؟، قال: "نعم"، قيل: فما بالهم؟ قال: "يتخذون المعازف والقينات والدفوف ويشربون الأشربة، فباتوا على شرابهم ولهوهم، فأصبحوا وقد مسخوا قردة وخنازير".
وعند ابن ماجة عن أبي مالك الأشعري قال: قا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها، يضرب على رؤوسهم بالدفوف والمغنيات، يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير".
مع أن هذا قد انتشر والعياذ بالله، وهناك نوع آخر من المسخ، وهو نوع اخطر من المسخ الظاهر، هو مسخ الباطن، والعياذ بالله وهو أن يصير الإنسان عبداً لغير الله، أن يعبد الإنسان الطاغوت، كما قال عز وجل: )قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ) المائدة:60]، عبد الطاغوت شر الأنواع الثلاثة، لأنه بدء بالقردة ثم ثنى بالخنازير ثم ثلث بعبدة الطاغوت فالقرد خير من الخنزير فالقرد أشبه بالإنسان والقرد يغار على أنثاه، يقول عمرو بن ميمون أحد ثقات التابعين: في الجاهلية رأيت قرداً شاباً وقردة شابة، والقردة الشابة معها قرد عجوز، فأشار القرد الشاب للقردة وكانت واضعة يدها تحت رأس العجوز، فنيمته، وسلت يدها من تحت رأسه، وذهبت مع القرد الشاب، قال: فوقع عليها (زنا بها)، وأنا أنظر، ثم رجعت فوضعت يدها تحت رأس القرد العجوز (زوجها) فانتبه فشمها فصاح، فاجتمعت القرود فأتى بالقردين الزانيين فرجمتهم القرود حتى ماتا"، فالقرد يغار والخنزير لا يغار على أنثاه، القرد يجوز بيعه إذا كان منه منفعة لحفظ المتاع مثلاً، والخنزير لا يجوز بيعه بحال، والقرد طاهر العين في الحياة، والخنزير نجس دائماً.
والأسوأ من هذين عبد الطاغوت، وهم كثيرون جداً، لكن شكلهم بشر يرتدون الحلل، وتعظمهم الناس، ولكنهم عبيد الشيطان وجنده من الكفار المشركين واليهود والنصارى وعبيد المنافقين، ينفذون كل مخططاتهم في الكفر والضلال، ويقولون: هي أوامر علينا، والذي يعرف أن هذا كفر وضلال وحرب للإسلام ومع ذلك ينفذه فهو عبد الطاغوت، عبد الشيطان، هؤلاء شر الثلاثة، مسخت قلوبهم وبواطنهم، فهذا الذي ذكر الله من مسخهم، ثم ماتوا بعد ذلك.
قال عز وجل: ( قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ) أي أذلاء.
وفي الحديث الصحيح: "أن الله لم يجعل لمسخ نسلاً"، بعد أن مسخوا ماتوا ولم يتناسلوا، فيقال لليهود: أنهم إخوان القردة والخنازير، وليسوا أبناء القردة والخنازير لأنهم ليسوا أبنائهم لكنهم أشباههم وإخوانهم في صفاتهم وأفعالهم.
فهذه بعض فوائد هذه القصة العظيمة نسأل الله تعالى أن ينفعنا بما فيها من موعظة، وأن يوفقنا للعمل بطاعته والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن ينجينا عن مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن.

lundi 21 juillet 2014

قصة بقرة بنى إسرائيل



موقع القصة في القرآن الكريم:
ورد ذكر القصة في سورة البقرة الآيات 67-73.
قال الله تعالى:(( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ))
القصة:
مكث موسى في قومه يدعوهم إلى الله. ويبدو أن نفوسهم كانت ملتوية بشكل لا تخطئه عين الملاحظة، وتبدو لجاجتهم وعنادهم فيما يعرف بقصة البقرة. فإن الموضوع لم يكن يقتضي كل هذه المفاوضات بينهم وبين موسى، كما أنه لم يكن يستوجب كل هذا التعنت. وأصل قصة البقرة أن قتيلا ثريا وجد يوما في بني إسرائيل، واختصم أهله ولم يعرفوا قاتله، وحين أعياهم الأمر لجئوا لموسى ليلجأ لربه. ولجأ موسى لربه فأمره أن يأمر قومه أن يذبحوا بقرة. وكان المفروض هنا أن يذبح القوم أول بقرة تصادفهم. غير أنهم بدءوا مفاوضتهم باللجاجة. اتهموا موسى بأنه يسخر منهم ويتخذهم هزوا، واستعاذ موسى بالله أن يكون من الجاهلين ويسخر منهم. أفهمهم أن حل القضية يكمن في ذبح بقرة.
إن الأمر هنا أمر معجزة، لا علاقة لها بالمألوف في الحياة، أو المعتاد بين الناس. ليست هناك علاقة بين ذبح البقرة ومعرفة القاتل في الجريمة الغامضة التي وقعت، لكن متى كانت الأسباب المنطقية هي التي تحكم حياة بني إسرائيل؟ إن المعجزات الخارقة هي القانون السائد في حياتهم، وليس استمرارها في حادث البقرة أمرا يوحي بالعجب أو يثير الدهشة.
لكن بني إسرائيل هم بنو إسرائيل. مجرد التعامل معهم عنت. تستوي في ذلك الأمور الدنيوية المعتادة، وشؤون العقيدة المهمة. لا بد أن يعاني من يتصدى لأمر من أمور بني إسرائيل. وهكذا يعاني موسى من إيذائهم له واتهامه بالسخرية منهم، ثم ينبئهم أنه جاد فيما يحدثهم به، ويعاود أمره أن يذبحوا بقرة، وتعود الطبيعة المراوغة لبني إسرائيل إلى الظهور، تعود اللجاجة والالتواء، فيتساءلون: أهي بقرة عادية كما عهدنا من هذا الجنس من الحيوان؟ أم أنها خلق تفرد بمزية، فليدع موسى ربه ليبين ما هي. ويدعو موسى ربه فيزداد التشديد عليهم، وتحدد البقرة أكثر من ذي قبل، بأنها بقرة وسط. ليست بقرة مسنة، وليست بقرة فتية. بقرة متوسطة.
إلى هنا كان ينبغي أن ينتهي الأمر، غير أن المفاوضات لم تزل مستمرة، ومراوغة بني إسرائيل لم تزل هي التي تحكم مائدة المفاوضات. ما هو لون البقرة؟ لماذا يدعو موسى ربه ليسأله عن لون هذا البقرة؟ لا يراعون مقتضيات الأدب والوقار اللازمين في حق الله تعالى وحق نبيه الكريم، وكيف أنهم ينبغي أن يخجلوا من تكليف موسى بهذا الاتصال المتكرر حول موضوع بسيط لا يستحق كل هذه اللجاجة والمراوغة. ويسأل موسى ربه ثم يحدثهم عن لون البقرة المطلوبة. فيقول أنها بقرة صفراء، فاقع لونها تسر الناظرين.
وهكذا حددت البقرة بأنها صفراء، ورغم وضوح الأمر، فقد عادوا إلى اللجاجة والمراوغة. فشدد الله عليهم كما شددوا على نبيه وآذوه. عادوا يسألون موسى أن يدعو الله ليبين ما هي، فإن البقر تشابه عليهم، وحدثهم موسى عن بقرة ليست معدة لحرث ولا لسقي، سلمت من العيوب، صفراء لا شية فيها، بمعنى خالصة الصفرة. انتهت بهم اللجاجة إلى التشديد. وبدءوا بحثهم عن بقرة بهذه الصفات الخاصة. أخيرا وجدوها عند يتيم فاشتروها وذبحوها.
وأمسك موسى جزء من البقرة (وقيل لسانها) وضرب به القتيل فنهض من موته. سأله موسى عن قاتله فحدثهم عنه (وقيل أشار إلى القاتل فقط من غير أن يتحدث) ثم عاد إلى الموت. وشاهد بنو إسرائيل معجزة إحياء الموتى أمام أعينهم، استمعوا بآذانهم إلى اسم القاتل. انكشف غموض القضية التي حيرتهم زمنا طال بسبب لجاجتهم وتعنتهم.
نود أن نستلفت انتباه القارئ إلى سوء أدب القوم مع نبيهم وربهم، ولعل السياق القرآني يورد ذلك عن طريق تكرارهم لكلمة “ربك” التي يخاطبون بها موسى. وكان الأولى بهم أن يقولوا لموسى، تأدبا، لو كان لا بد أن يقولوا: (ادْعُ لَنَا رَبَّكَ) ادع لنا ربنا. أما أن يقولوا له: فكأنهم يقصرون ربوبية الله تعالى على موسى. ويخرجون أنفسهم من شرف العبودية لله. انظر إلى الآيات كيف توحي بهذا كله. ثم تأمل سخرية السياق منهم لمجرد إيراده لقولهم: (الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ) بعد أن أرهقوا نبيهم ذهابا وجيئة بينهم وبين الله عز وجل، بعد أن أرهقوا نبيهم بسؤاله عن صفة البقرة ولونها وسنها وعلاماتها المميزة، بعد تعنتهم وتشديد الله عليهم، يقولون لنبيهم حين جاءهم بما يندر وجوده ويندر العثور عليه في البقر عادة.
ساعتها قالوا له: “الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ”. كأنه كان يلعب قبلها معهم، ولم يكن ما جاء هو الحق من أول كلمة لآخر كلمة. ثم انظر إلى ظلال السياق وما تشي به من ظلمهم: (فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ) ألا توحي لك ظلال الآيات بتعنتهم وتسويفهم ومماراتهم ولجاجتهم في الحق؟ هذه اللوحة الرائعة تشي بموقف بني إسرائيل على موائد المفاوضات. هي صورتهم على مائدة المفاوضات مع نبيهم الكريم موسى.

jeudi 17 juillet 2014

دانيال اول مره أسجد في حياتي-مؤثر




اقامة الدولة الاسلامية المزعومة الموهومة ..


الشيخ بشير بن حسن : - نحن نرى شعوبا عربية حل بها ما حل من الدمار على ايدي منتسبين للاسلام باسم الجهاد باسم اقامة الدولة الاسلامية الموهومة المزعومة التي لم تقم الا في رؤوسهم فقط ..
- تريد ان ترفع السلاح ارفعه في وجه الصهاينة ...
- يريد بعضهم ان تتصومل تونس و الله لن نتركها و لن نتركهم يصوملونها ...
- لن نكره احدا على الايمان و لا احد على الطاعة و لا احد على الحجاب و لا احد على الصلاة

mardi 8 juillet 2014

تفسير الأوتاد في قوله تعالى الجبال أوتادا



dimanche 6 juillet 2014

لحظات عمرك الاخيرة مروع شاهدها هذه هي نهايتك سارع بالرجوع


الله أكبر الله اكبر الله اكبر لحظة رفع الأذان للمرة الأولى في مملكة الســـــــويد . لحظة أكثر من راااااائعة تبعث الإيمان في القلوب


vendredi 4 juillet 2014

تجلي الإبداع في المساجد | صور لأجمل المساجد حول العالم


المسجد الأزرق - اسطنبول


و يطلق عليه ايضاً جامع السلطان أحمد, بني المسجد بين عامي 1609 ـ 1616 م




مسجد جاما - الهند


بناه الإمبراطور المغولي شاه جهان، الذي بنى تاج محل، واستغرق بناؤه ستة أعوام



مسجد شواتزنجر - المانيا



مسجد الكريستال - مدينة كوالاترينجانو, ماليزيا



مسجد الشاكرين - كوالالمبور, ماليزيا


جامع ام القرى - العراق


مسجد العبودية - مدينة كوالا كانغسار, ماليزيا


مسجد الامام - أصفهان, ايران